تحقيقًا لحلمٍ راود الموظفين الذي يعملون لسنوات داخل أمكنة ضيقة محدودة المساحة، قدّم سعادة ثابت الطريفي مدير عام بلدية مدينة الشارقة فكرة جديدة تنم عن رؤية واضحة تستشرف المستقبل، وهي فكرة تصميم مكان للعمل يتكيّف مع البيئة المتغيرة ويضفي مزيدًا من الشفافية والألفة والمودة في أجواء تشجّع على العمل والإنتاج.
وتولّى المهندس حسن التفاق مساعد المدير العام للزراعة والبيئة مهمة تنفيذ هذه الفكرة الواعدة، فقام بجهود متميزة لتعديل بيئة العمل الحالية وفق نظام "ليد" LEED الذي يُعنى بمعايير تصميم وإنشاء وتشغيل مبانٍ مراعية للبيئة وعالية الأداء.
وتم وضع خطة للانتهاء من المشروع وافتتاحه في غضون ثلاثة أشهر من قبل سعادة مدير عام البلدية، وقد مثّل ذلك تحديًا كبيرًا لفريق العمل المكلف بتنفيذ المشروع، من أجل تحويل المبنى القديم الممتد على مساحة 480 متر مربع والذي تم بناؤه بإدارة الصرف الصحي عام 1976 إلى مبنى أخضر صديق للبيئة ذي واجهة رائعة من الزجاج المنحني والمعدن والأحجار تطلّ على الإدارة بأكملها.
وكان المبنى القديم قد أنشئ على أرض قاحلة لا يوجد بها أي معالم جمالية، حيث كانت تستخدم مكبًّا لنفايات، ولكن مع تنفيذ المشروع التطويري الجديد ستحظى هذه البقعة بشلالات وأحواض مائية ونوافير وقاعات زجاجية ومكاتب مجهزة بأحدث التقنيات.
إن تخطيط وتصميم وبناء مبنى أخضر ليس كتركيب لافتات جديدة أو إضافة ميزة تصميم في اللحظات الأخيرة، فالخطة إذا ما أريد لها أن تبقى ضمن الميزانية المعتادة وتحقق الفوائد المنشودة من المبنى المستدام يجب أن تتحلى قراراتها التطويرية بعقلية خضراء منذ البداية، وما لا يدركه معظم المراقبين أن البناء الأخضر يعني أنه مستدام بيئيًا واقتصاديًا.
وبدأ المهندس حسن التفاق العمل على تنفيذ الفكرة من خلال عقد اجتماعات مع الخبراء والمستشارين التقنيين (كما هو موضح في الصورة)، وانخرط الجميع في العمل بروح الجماعة من أجل صناعة المستحيل وتحقيقه على أرض الواقع، واعتمد أسلوب العمل على جلسات العصف الذهني واستغلال الخبرات الداخلية.
وإضافة إلى نطاق المشروع تم العمل على توفير ورشة مجهزة بأحدث التقنيات ومعايير السلامة ومزودة بمساحات للمشي ومكتب يطل على ورشة العمل بالكامل.
وفي الصور الموضحة أدناه يمكن ملاحظة الفارق الكبير من الورشتين القديمة والحديثة، حيث يمكن مشاهدة المساحة الصغيرة للورشة القديمة مع وجود رافعة علوية مثبتة عند سقف الورشة.
ويتميز التصميم الداخلي للمبنى الأخضر بتهويته العالية وإضاءته الجيدة، ويحتوي على أسقف زجاجية بارتفاع 11 قدمًا، ونوافذ ممتدة من الأرض حتى السقف، وردهة فسيحة، ومخطط للأرضية، وأحدث التقنيات والأنظمة، بما في ذلك نظام التشغيل عالي التقنية "اسكادا" ومكتب للأجهزة يطل على المبنى بأكمله مع تثبيت شاشات عرض البيانات على الجدران.
ويضع فريق "اسماي تيم" الذي يعني بالمشاريع الابتكارية والبيئية والمستدامة في قطاع الزراعة والبيئة الخطوط الإرشادية الرئيسية لتطوير الرؤية وبيئة العمل الجديدة داخل المبنى.
وقدم الفريق جولة افتراضية في مكاتب المبنى الأخضر إلى فريق الإدارة العليا بالبلدية لرؤية المبنى المستقبلي وجعله بيئة معاد تصميمها بشكل أفضل.